فصل: كتاب الصيد والذبائح:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المتواري على أبواب البخاري



.كتاب الصيد والذبائح:

.باب التسمية على الصيد:

وقوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا ليبلونكم الله بشيء من الصيد تناله أيديكم ورماحكم} [المائدة: 94] وقوله تعالى: {أحلت لكم بهيمة الأنعام إلا ما يتلى عليكم غير محلّي الصيد وأنتم حرم إن الله يحكم ما يريد يا أيها الذين آمنوا لا تحلوا شعائر الله} الآية إلى قوله: {فلا تخشوهم واخشون} [المائدة 1- 3] وقال ابن عباس: {العقود} العهود. ما أحل منها وما حرّم {إلا ما يتلى عليكم} الخنزير {يجرمنكم} يحملنكم {شنآن قوم} عداوة، المنخنقة تنخنق فتموت، الموقوذة تضرب بالخشب يوقذونها فتموت، المتردّية التي تتردى من الجبل، النطيحة تنطح الشاة فما أدركته يتحّرك بذنبه أو بعينه فأذبح وكل.
فيه عدي: سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن صيد المعراض، فقال: «ما أصاب بحدّه فكله، وما أصاب بعرضه فهو وقيذ» وسألته عن صيد الكلب قال: «ما أمسك عليك؛ فإن أخذ الكلب ذكاة، فإن وجدت مع كلبك كلباً غيره فخشيت أن يكون أخذه معه- وقد قتله- فلا تأكل؛ فإنما ذكرت اسم الله على كلبك، ولم تذكره على غيره».
قلت: رضي الله عنك! ليس في جميع ما ذكره من الآي والأحاديث تعرض للتسمية المترجم عليها إلاّ آخر حديث عدي فعدّه بياناً لما احتملته الأدلة من التسمية. ولذلك أدخل الجميع تحت الترجمة. والله أعلم. وعند الأصوليين نظر في المجمل إذا اقترن به قرينة لفظية مبيّنة، هل يكون الدليل المجمل معها، أو إياها خاصة؟

.باب إذا أكل الكلب:

وقوله تعالى: {يسألونك ماذا أحل لهم قل أحل لكم الطيبات وما علمتم من الجوارح مكلبين تعلمونهن مما علمكم الله فكلوا مما أمسكن عليكم واذكروا اسم الله عليه} [المائدة: 4]. وقال ابن عباس: إن أكل الكلب فقد أفسده، إنمّا أمسك على نفسه والله سبحانه يقول: {تعلموهن مما علّمكم الله} فيضرب ويعلّم حتى يترك. وكرهه ابن عمر. قال عطاء: إن شرب الدم ولم يأكل فكل فيه عدي: سألت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: إنّا قومّ نصيد بهذه الكلاب. فقال: «إذا أرسلت كلابك المعلّمة، وذكرت اسم الله فكل ما أمسكن عليك وإن قتلن، إلا أن يأكل الكلبُ فإني أخاف أن يكون إنما أمسكه على نفسه. وإن خالطها كلاب من غيرها فلا تأكل».
قلت: رضي الله عنك! ساق الأحاديث والآية بعدها، لأنها بيَّنت أن الإمساك في الآية شرط فيه أن يكون على صاحبه أي وفاءٍ بطاعته لا لشهوة الجارح. فإذا أكل تحقق إمساكه لنفسه، لا لربّه.

.باب ما جاء في التصيّد:

فيه عدي: قلت يا رسول الله! إنا قوم نتصيّد بهذه الكلاب. الحديث.
وفيه أبو ثعلبة: قلت يا رسول الله إنا بأرض أهل كتاب نأكل في آنيتهم وأرض صيد أصيد بقوسي، وأصيد بكلبي المعلم والذي ليس بمعلم. الحديث.
وفيه أنس: أنفجنا أرنباً بمر الظهران، فسعوا عليها حتى لغبوا فسعيت عليها حتى أخذتها، فجئت بها إلى أبي طلحة فبعث إلى النبي صلى الله عليه وسلم بوركها وفخذيها فقبله.
وفيه أبو قتادة: إنه كان مع النبي صلى الله عليه وسلم ببعض طريق مكة، فرأى حماراً وحشياً، فاستوى على فرسه- الحديث- فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إنما هي طعمة أطعمكموها الله».
قلت: رضي الله عنك! مقصوده بهذه الترجمة التنبيه على أن الصيد لمن عيشه ذلك. أو لمن عيشه مستقلّ بدونه، ولكنه عرض له ذلك. كلّه جائز ومشروع. وفي صيد اللهو خلاف.

.باب التصيد على الجبال:

فيه أبو قتادة: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم فيما بين مكة والمدينة- وهم محرمون وأنا حل على فرسي- وكنت رقّاء على الجبال، فبينا أنا كذلك إذ رأيت الناس يتشوفون بشيء. فذهبت أنظر فإذا هو حمار وحش فعقرته. الحديث.
فقلت: رضي الله عنك! نبّه على جواز ارتكاب المشاق لنفسه ولدابّته، لغرض صحيح، وهو الصيد. والله أعلم.

.باب آنية المجوسي والميتة:

فيه أبو ثعلبة: قلت: يا رسول الله! إنا بأرض أهل كتاب، نأكل في آنيتهم، فقال: «لا تأكلوا في آنيتهم إلا أن لا تجدوا أبداً فإن لم تجدوا أبداً فاغسلوا وكلوا». الحديث.
وفيه سلمة بن الأكوع: قال لما أمسوا يوم فتح خيبر أوقدوا النيران فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «على ما أوقدتم هذه النيران؟» قالوا: لحوم الحمر الإنسية. فقال: «أهريقوا ما فيها وكسروا قدورها» فقام رجل من القوم فقال: نهريق ما فيها ونغسلها فقال النبي- صلى الله عليه وسلم: «أو ذاك».
قلت: رضي الله عنك! ترجم على آنية المجوسي، والأحاديث في أهل الكتاب، لأنه بني على أن المحذور منها واحد، وهو عدم توقيّهم النجاسات. ونبّه بقوله في الترجمة: والميتة على أن الحمر لما كانت محرمة لم تؤثر فيها الذكاة.

.باب ما يذبح على النصب والأصنام:

فيه ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم: زيد بن عمرو بن نفيل بأسفل بلدح وذلك قبل أن ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم الوحي، فقدّم إليه النبي صلى الله عليه وسلم سفرة فيها لحم، فأبى أن يأكل ثم قال: «لا آكل مما تذبحون على أصنامكم، ولا آكل إلا مما ذكر اسم الله عليه».
قلت: رضي الله عنك! قدّم إليه هذا الطعام فأباه، وقدّمه لزيد فأباه زيدٌ، وأقبل على أصحاب الطعام. فقال قوله هذا. والله أعلم.

.باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: «فليذبح على اسم الله تعالى»:

فيه جندب بن سفيان قال: ضحينا مع النبي صلى الله عليه وسلم أضحاة ذات يوم، فإذا أناس قد ذبحوا ضحاياهم قبل الصلاة، فلما انصرف رأى النبي صلى الله عليه وسلم أنهم ذبحوا قبل الصلاة فقال: «من ذبح قبل الصلاة فليذبح مكانها أخرى، ومن كان لا يذبح حتى صلينا فليذبح على اسم الله».
قلت: رضي الله عنك! فائدة هذه الترجمة بعد تقدم الترجمة على التسمية التنبيه على أن الناسي ذبح على اسم الله، لأنه لم يقل في هذا الحديث فليسم، وإنما جعل أصل ذبح المسلم على اسم الله من صفة فعله ولوازمه. كما ورد ذكر اسم الله على قلب كل مسلم سمّى أو لم يسمّ. أما التعمد للترك فملتحق بالمتهاون باسم الله. وذلك كالضد الخاص للتسمية. والله أعلم.

.باب ما ندّ من البهائم فهو بمنزلة الوحش:

وأجازه ابن مسعود: وقال ابن عباس: ما أعجزك من البهائم مما في يدك فهو كالصيد. وفي بعير تردّى في البئر فذكه من حيث قدرت عليه. ورأى ذلك عليّ وابن عمر وعائشة.
فيه رافع: قلت يا رسول الله! إنا لاقوا العدو غداً، وليس معنا مدى فقال: «اعجل- أو ارن- ما أنهر الدم، وذكر اسم الله عليه فكل. ليس السنّ والظفر». وأصبنا نهب إبل وغنم فندّ منها بعير، فرماه رجل بسهم فحبسه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن لهذه الإبل أوابد كأوابد الوحش. فإذا غلبكم منها شيء فافعلوا بها هكذا».
قلت: رضي الله عنك: فهم البخاري من الحديث الاقتصار في إباحة البعير على السهم الذي حبسه. والأمر محتمل لأن يكون احتبس ولم تنفذ مقاتله حتى ذكى وهي واقعة عين. وتشبيهه في الحديث النعم الشاردة بالوحش في الحكم. ولكنه في صفة الوجود أي قد تنفر كالوحش.

.باب لحوم الحمر الأهلية:

فيه سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وفيه عمر: نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن لحوم الحمر الأهلية يوم خيبر.
وفيه عليّ: نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن المتعة عام خيبر وعن لحوم حمر الإنسية.
وفيه جابر: نهى النبي صلى الله عليه وسلم يوم خيبر عن لحوم الحمر، ورخص في لحوم الخيل.
وفيه البراء، وابن أبى أوفى: نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن لحوم الحمر.
وفيه أبو ثعلبة: حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم لحوم الحمر الأهلية. رواه صالح والزبيدي وعقيل عن ابن شهاب. وقال مالك ومعمر والماجشون ويونس وابن إسحاق عن الزهري. قال نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن أكل كل ذي ناب من السباع.
وفيه أنس: أن النبي صلى الله عليه وسلم جاءه جاءٍ فقال: أكلت الحمر. ثم جاءه جاءٍ فقال: أفنيت الحمر. فأمر منادياً ينادي في الناس: «إن الله ورسوله ينهيانكم عن لحوم الحمر الأهلية؛ فإنها رجس فأكفيت القدور وإنها لتفور باللحم».
وفيه عمرو: قلت لجابر بن زيد: يزعمون أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الحمر الأهلية. فقال: قد كان يقول ذلك الحكم بن عمرو الغفاري عندنا بالبصرة. ولكن أبا ذلك البحر ابن عباس وقرأ: {قل لا أجد فيما أوحى إلى محرماً} [الأنعام: 145].
قلت: رضي الله عنك! ذكر البخاري طريقين في الحديث: إحداهما النهي عنها مطلقاً وإكفاء القدور. والأخرى أنه سمع أنهم أكلوها ولم يبادر النهي في الأولى والثانية، فلما قيل في الثالثة: أفنيت الحمر نهى. فأفهم أن النهي خوف فناء الظهر، وإلا كانت المسارعة للنهي متعيّنة. فمن هاهنا نشأ الخلاف المذكور بين الصحابة فيها. والله أعلم.

.باب المسك:

فيه أبو هريرة: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ما من مكلوم يكلم في الله إلا جاء يوم القيامة وكلمه يدمى، اللون لون دم، والريح ريح مسك».
وفيه أبو موسى: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «مثل الجليس الصالح والسوء كحامل المسك ونافخ الكير. فحامل المسك إما أن يحذيك، وإما أن تبتاع منه، وإمّا أن تجد منه ريحاً طيبة. ونافخ الكير أما أن يحرق ثيابك. وإما أن تجد منه ريحاً خبيثة».
قلت: رضي الله عنك! وجه الاستدلال من الحديث الأول طهارة المسك، وإنه من الطيبات شرعاً وتشبيه النبي صلى الله عليه وسلم الشهيد به في سياق التعظيم، فلو كان منتناً نجساً لكان من الخبائث وكذلك الحديث الثاني.

.باب إذا ندّ بعيرٌ لقوم فرماه بعضهم بسهم فقتله وأراد إصلاحهم فهو جائز لخبر رافع عن النبي صلى الله عليه وسلم:

فيه رافع: كنا في سفر فندّ بعير من الإبل فرماه بسهم فحبسه. ثم قال: إنّ لها أوابد كأوابد الوحش. فما غلبكم منها فاصنعوا به هكذا.
قلت: رضي الله عنك! ذكر هذه الترجمة وما بعدها من الحديث تنبيهاً على أن ذبح غير المالك الذي يحيف إنما هو ذبح التعدّي كما في الحديث الأول.
وأمّا هذا الذبح لمصلحتهم وخوف فواته عليهم فمشروع حتى لو مرّ مارّ بصيد، وهو في أيدي الجوارح ولم تنفذ مقاتله وقدر أن يذكيه ذكاة المقدور عليه، فتركه إلى أن مات توجه عليه ضمان لصاحبه الذي أرسل الجارح بناءً على أن التفويت بالترك كالتفويت بالفعل وفيه خلاف.

.كتاب الأضاحي:

.باب ما يشتهى من اللحم يوم النحر:

فيه أنس: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من كان ذبح قبل الصلاة فليعد». فقام رجل فقال: يا رسول الله! إن هذا يوم يشتهى فيه اللحم- وذكر جيرانه- وعندي جذعة خير من شأتي لحم. فرخصّ له في ذلك. فلا أدري أبلغت الرخصة من سواه أم لا؟ ثم إنه انكفأ النبي صلى الله عليه وسلم إلى كبشين فذبحهما. وقام الناس إلى غنيمة فتوزّعوها، أو قال فتجزعوها.
قلت: رضي الله عنك! غرض الترجمة أن شهوة اللحم في الأضحى عادة مشروعة وليس من قبيل ما نقل عن عمر أنه قال لجابر، وقد رأى معه جمالاً ولحما بدرهم. فقال عمر: ما هذا؟ فقال: قرمنا إلى اللحم فقال عمر: أين تذهب عن قوله: {أذهبتم طيباتكم} [الأحقاف: 20]؟ بناته أن يضحين بأيديهن: فيه عائشة قالت: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم بسرف وأنا أبكي فقال: «ما لك أنفست؟» قلت: نعم. قال: «هذا أمر كتبه الله على بنات آدم. فاقضى ما يقضي الحاج غير ألا تطوفي بالبيت». وضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نسائه بالبقر.
قلت: رضي الله عنك! الترجمة غير مطابقة لحديث ابن عمر لأنه ذكر الإعانة فلعله عقلها وذبح ابن عمر. ولكنه رأى الاستعانة إذا شرعت التحقت بها الاستنابة. وأما حديث أزواجه صلى الله عليه وسلم فيحتمل أن يكون صلى الله عليه وسلم هو المضحّي من ماله عن أهل بيته، فهنّ فيها تبع. ويحتمل أن يكون ملكهن الأعيان فتطابق الترجمة.